فَلَا نَمَلَّ مِنْ عَمَلِ ٱلْخَيْرِ

عزيزي صديقي،
ما أجمل أن يحصل الإنسان على فرصة جديدة للنمو والتقدم، بغض النظر عن ماضيه أو إمكانياته. أحيانًا، يمر في حياتنا شخص يحتاج فقط لمن يصدّق به، لمن يمدّ له يده ويمنحه الأمل ليبدأ رحلته. قد لا يكون مؤهلًا تمامًا، لكنه يحمل في داخله شعلة من الشغف والرغبة في التعلم، وهذه الرغبة تستحق أن تجد من يرعاها ويغذيها.
لكن الواقع قد يكون مختلفًا عن توقعاتنا. نبذل جهدًا، نصبر، نقدم كل ما نستطيع، ومع ذلك، لا يأتي التقدير كما كنا نأمل. بل وقد يتحول من ساعدناه إلى شخص معارض، صعب، وربما حتى ناكرا للجميل . في تلك اللحظات المؤلمة، تدور في أذهاننا أسئلة صعبة :
هل كان يستحق كل هذا العناء؟ هل أخطأت حين منحت دعمي لمن لا يقدّره؟ هل كان الأفضل أن أستثمر جهدي في شخص آخر أكثر امتنانًا؟
لكن العطاء الحقيقي لا يُقاس بالردود، ولا تُحدّد قيمته بناءً على الامتنان الذي نحصل عليه . إنما هو انعكاس لروح المحبة التي تعطي بلا انتظار، وتزرع دون قلق من الحصاد. فالخير يُفعل لأجل الخير ذاته، وليس لأجل مردوده.
المسيح علّمنا هذا الدرس العظيم، حين قدّم ذاته بلا شروط، محبًّا حتى النهاية، دون أن ينتظر تقديرًا أو مقابلًا. وكما جاء في الكتاب المقدس: "فَلَا نَمَلَّ مِنْ عَمَلِ ٱلْخَيْرِ، لِأَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ سَوْفَ نَحْصُدُ إِنْ كُنَّا لَا نَكِلُّ" (غلاطية ٦ : ٩).
الخير الذي يُزرع في الآخرين لن يضيع، حتى إن لم يظهر أثره فورًا. ربما لن يأتي الشكر، وربما يُقابل العطاء بالتجاهل، لكن البركة الحقيقية تكمن في الاستمرار دون ملل، لأن الله يرى، ويكافئ في حينه.
فاصنع الخير، ولا تلتفت إلى الردود، لأن ما يُزرع بمحبة، يثمر يومًا بفيض من النعمة.
أنت مهمّ، نحبك ونهتم لأجلك.
صباحكم مبارك 🌞

