تاريخ النشر 2 أغسطس 2023

لماذا المساكين بالروح هم فقط الذين لهم ملكوت السماوات؟

تاريخ النشر 2 أغسطس 2023

[image]

السؤال الثاني لماذا المساكين بالروح هم فقط الذين لهم ملكوت السماوات؟   السيد المسيح من خلال التطويبات يقول لنا من هم الذين سوف يكون لهم السعادة، الذين سوف يكونون مباركين. التطويبات عبارة عن بناء لا يمكن دخوله أو صعوده دون المرور أولًا بتطويبه المساكين بالروح. فهذه التطويبة هي المدخل. يجب أن ندخل فارغين لكي نتمكَّن من الامتلاء. وهذا في تناقض واضح مع معظم ما نراه اليوم. نحن نعيش في روح العصر التي تخبرنا "بالتعبير" عن أنفسنا و"الإيمان" بأنفسنا. نسعى وراء الاعتماد على الذات ، والاكتفاء الذاتي، والثقة بالنفس ، والكثير الذي يجعلنا نشعر أننا قادرون بما لدينا أن نكون من بنو الملكوت. تقول لنا التطويبات الحقيقة التي هي عكس ثقافة العالم الذي نحيا فيه، "أفرغ نفسك حتى يدخل الله." عندما نمتلئ بالأنا (الذات)، نفقد نعمة حضور الله. نحن لسنا مؤمنين إذا كنا دائمًا نحقق ذواتنا.   كما عرفنا أن تكون "مسكينًا بالروح" هو أن تكون فارغًا روحيًّا. غالبًا ما نتعثَّر في كلمة "مسكين" لأننا نربطها بسرعة بالفقر المادي. لكن في الكتاب المُقدَّس، بما في ذلك العهد القديم، لا يعني مصطلح المسكين بالضرورة الفقر المادي. غالبًا ما يكون المسكين مصطلحًا تقنيًّا يصف مَن يدركون أنهم في الأساس يحتاجون إلى الله في كل شيء جسديًّا روحيًّا. هذا ما قصده إشعياء عندما أعلن: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (إشعياء 61: 1). فأن لم تدرك أنك مريض لن تشعر أنك في حاجة الى الطبيب وهذا ما قاله السيد المسيح الكتبة والفريسيين "فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى." (مت 9: 11-12).   ليس فقط أن تدرك أنك مريض بل أن تدرك أنك لا تستطيع أن تعالج نفسك، فلم يدرك هؤلاء الكتب والفريسيين أنه خطاه بل كانوا ابرار في أعين أنفسهم لذلك قال لهم السيد المسيح "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ." (لو 15: 7). الذي يترك انه خاطي قد يتوب أما من يظن أنه بار فلن يتوب لانه لا يحتاج إلى التوبة.   مؤمنون العهد القديم كانوا يدركون هذه الحقيقة أنهم خطاه فاسدون ومهما عملوا من أعمال بر هذا لن يجعلهم ابرار اقرأ ماذا يقول لنا الرب على فم إشعياء "وَقَدْ صِرْنَا كُلُّنَا كَنَجِسٍ، وَكَثَوْبِ عِدَّةٍ كُلُّ أَعْمَالِ بِرِّنَا، وَقَدْ ذَبُلْنَا كَوَرَقَةٍ، وَآثَامُنَا كَرِيحٍ تَحْمِلُنَا." (إش 64: 6).   مؤمنين العهد القديم لم يدركوا هذا فقط بل أدركوا إلى من ينظر الله. يصف إشعياء هؤلاء المساكين و المنسحقين بأنهم هم من يرتعدون ويخضعون برهبة وفرح وحب عندما يسمعون كلمة الله "وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي، فَكَانَتْ كُلُّ هذِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ: إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي." (إش 66: 2). كما يؤكد داود أن الله لا يرضى بذبائح وتقدمات كثيرة من قلب متصلف وغير منكسر أمامه، لكن، "ذَبَائِحُ ٱللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. ٱلْقَلْبُ ٱلْمُنْكَسِرُ وَٱلْمُنْسَحِقُ يَا ٱللهُ لَا تَحْتَقِرُهُ" (مزمور ٥١: ١٧).   أخيرًا، تذكّر أن المسيح ذهب باستمرار للمنبوذين المنسحقين وقُبِل منهم، ورُفِض من الفريسيين الأبرار في ذواتهم.   كان السيد المسيح يذهب للأبرص المطرود من المدينة لأنه نجس، و الأعمى منذ ولادته الذي ظنه الناس معاقَبًا ومُبتَلىً بالعمى، ولجابي الضرائب المرفوض من المجتمع لأنه خائن، وللزانية المحتَقرة من الجميع، و للص المصلوب الذي عاش عمره سارقًا لكنه أدرك استحقاقه العقوبة وعَلِم حقيقة بِرّ المسيح. هؤلاء لما أتى إليهم المسيح، أتوه منسحقي الروح، وتغيرت حياتهم وصار لهم ملكوت السماوات.   نعم، إن كل قصص البشائر تعلمنا هذه الحقيقة: طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِٱلرُّوحِ، لِأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ!   لذلك طوَّب السيد المسيح الشاعرين بفقرهم الروحي الشديد، ويؤكد سعادة الذين يأتون إلى الله خاليين اليدين، ويلتمس رحمته ومتكلين على تلك الرحمة وحدها. لأنهم سوف يعطى لهم بر المسيح الذي يؤهلهم إلى ملكوت السماوات.   يجب ألا نفقد هذه البركة الأولى. هذا هو أساس صعودنا إلى التطويبات الأخرى. إذا لم يكن لدينا القلب المنكسر والروح المنسحق، فليس لدينا المسيح.   وأفضل الامثلة عن المساكين بالروح   1- العشار كان مسكين بالروح كان لديه قلب منكسر و روح منسحق ويصف الكتاب المقدس هذا بقوله لنا "وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلًا: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ" (لو 18: 13 - 14). نزل مبرر حصل على بر المسيح وتأهل إلى ملكوت السماوات.   2- قائد المئة حيث كان يدرك أنه خاطئ وأنه غير مستحق أن يأتي إليه السيد وكان مدرك لقداسة الرب يسوع وليس هذا فقط بل هو مدرك لسطان وقوة وقدرة الرب يسوع ونجد البشير لوقا يعبر عن قلب قائد المئة المنكسر وروحة المنسحقة ويدون لنا هذا الوصف "فَذَهَبَ يَسُوعُ مَعَهُمْ. وَإِذْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ الْبَيْتِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ قَائِدُ الْمِئَةِ أَصْدِقَاءَ يَقُولُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، لاَ تَتْعَبْ. لأَنِّي لَسْتُ مُسْتَحِقًّا أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي." (لو 7: 6).   هل لك هذا القلب المنكسر و الروح المنسحق تذهب بهم الى الله؟ هل حصلت على بر المسيح؟ هل تأهلت لملكوت السماوات؟      

شكرا لتواجدك!

Mounir
مؤلف