تاريخ النشر 18 سبتمبر 2023

قلبك مسكن الله

تاريخ النشر 18 سبتمبر 2023

[image]

قلبك مسكن الله

قلب المؤمن هو مسكن الله الأفضل والأحب. يدعونا الله أن نحبه بكل قوتنا وعقولنا وروحنا، وهذا هو أعظم ذبيحة يمكن أن نقدمها له. فالمحبة الصادقة والكاملة لله تتجلى في قلوبنا وتفوق قيمتها أي ذبيحة أخرى تقدم له "فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ: «جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ»." (مر 12: 32-33).

كان الله قد عاتب شعبه في الماضي لأنهم اقتربوا منه بأفواههم وأكرموه بشفاههم، ولكن قلوبهم كانت بعيدة عنه ("فَقَالَ السَّيِّدُ: «لأَنَّ هذَا الشَّعْبَ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي، وَصَارَتْ مَخَافَتُهُمْ مِنِّي وَصِيَّةَ النَّاسِ مُعَلَّمَةً." (إش 29: 13). الله يطلب منا أن نقدم له قلوبنا وأن نلاحظ طرقه "يا ابني أعطيني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي" (أم 23 : 26 ). القلب الذي نتحدث عنه كما ذكرنا من قبل هو مركزنا الداخلي، حيث تنبع العواطف والمعرفة العاقلة، وتحمل ذكرياتنا وقراراتنا، وهو المكان الذي نتواصل ونرتبط فيه مع الله أو مع الأشياء والأشخاص والشهوات. وبما أن الآخرين لا يستطيعون الوصول إلى قلوبنا الداخلية، فإن مظهرنا الخارجي يكشف عن حقيقتنا، وأفعالنا تعكس ما في قلوبنا، وكلامنا يعكس تصوراتنا وأفكارنا، لأن اللسان يتكلم بما هو مختزن في القلب.

إن الله خلق الإنسان على صورته وشبهه بقلب صالح. وبعد سقوطنا، رأينا الإنسان يهرب من التواصل مع الله، ويحاول إخفاء نفسه "فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»." (تك 3: 10). وأعلن الله بعد ذلك أن قلوب البشر أصبحت شريرة وأن كل تصورات قلوبهم هي شريرة في كل يوم "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ." (تك 6: 5). الخطية تلوث القلب والكبرياء يفسده فترحل عنا نعمة الله. ومع اتباعنا لشهوات وأهواء قلوبنا، تصبح قلوبنا أكثر قسوة. لذلك، عمل الله من خلال الناموس الطبيعي والضمير والأنبياء لإيقاظ قلوب البشر للعودة إلى الله والعثور عليه، وأن يعطوا له قلوبهم ويلاحظوا طرقه ووصاياه "ثُمَّ إِنْ طَلَبْتَ مِنْ هُنَاكَ الرَّبَّ إِلهَكَ تَجِدْهُ إِذَا الْتَمَسْتَهُ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ." (تث 4: 29). بل وعد أن يختن الرب إلهنا قلوبنا، لكي نحبه من كل القلب والنفس فنحيا به وهذا ما أتمه الله في العهد الجديد بحلول الروح القدس على المؤمنين، ليصير قلبهم مسكناً لروحه يقدسه له لنصير هياكل روح الله ويصير قلبنا مذبحاً مُكَّرساً للعبادة وبصلوات التقية والمحبة الصادقة وإذ يتنقى القلب يعاين الله ويعمل المسيح بالإيمان فيه "وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا." (حز 36: 26-27). 

عندما نرجع إلى الله ونعيش وفقًا لإرادته، يمكن للروح القدس أن يعمل في قلوبنا ويساعدنا على أن نصبح مثل ربنا يسوع المسيح ونظهر ثمار الروح مثل الحب والفرح والسلام والصبر واللطف والخير والإيمان والوداعة وضبط النفس (غلاطية 5: 22-23). إنها عملية مستمرة لتجديد قلوبنا وتحويلها لتشبه قلب ربنا يسوع المسيح.

لذا، يجب علينا أن نعمل على تنظيف قلوبنا وتجديد أفكارنا وعواطفنا ورغباتنا بمساعدة الروح القدس. يمكننا القيام بذلك من خلال الصلاة والتأمل في كلمة الله والتشبث بالحقيقة والابتعاد عن الخطية والتعاون مع الروح القدس في حياتنا اليومية. يمكننا أيضًا أن نطلب من الله أن ينقذنا من قلوبنا القاسية والمتحجرة ويعطينا قلبًا جديدًا وطاهرًا.

باختصار، قلب المؤمن هو مكان التواصل مع الله ومسكن الروح القدس. من خلال إعطاء قلوبنا لله والخضوع للروح القدس بأن يعمل فينا، نستطيع أن نعيش حياة مستقيمة ومليئة بالحب والتقديس.

شكرا لتواجدك!

Mounir
مؤلف