دعوة للثقة

عزيزي صديقي،
عندما أواجه مشكلة، غالبًا ما أجد نفسي غارقًا في التفكير، متسرعًا في قراراتي، ومضطربًا بالقلق.
أبدأ بالصلاة، ولكنني سرعان ما أعود إلى الاعتماد على فكري، وذكائي، وقوتي المحدودة.
في هذا الأمر، يظل مزاجي متقلبًا وقلبي مضطربًا. لكن عندما أهدأ وأتأمل في سؤال بسيط: "ماذا كان يسوع سيفعل؟"
أجد نفسي أمام حقيقة جوهرية: هناك فرق شاسع بين قوتنا البشرية وقوة الله.
الكتاب المقدس يوجهنا إلى هذا الأمر بوضوح في قوله:
"لَيْسَ بِٱلْقُدْرَةِ وَلَا بِٱلْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ" (زكريا ٤ : ٦).قوة الله ليست مجرد طاقة عابرة نحتاجها للحظة واحدة، بل هي قوة روحية تعمل في أعماقنا، تسندنا وتغير قلوبنا في أوقات ضعفنا.
كان إيليا مكتئبًا وهاربًا من الملكة إيزابل، فجلس تحت الرتمة وطلب الموت، وقال: "يكفي الآن يا رب، خذ نفسي".
في وسط ضعفه واستسلامه، أرسل الله ملاكًا ليمنحه طعامًا وشرابًا. قال له الملاك:
"قُم كُلْ، لِأَنَّ ٱلرِّحْلَةَ طَوِيلَةٌ عَلَيْكَ" (١ ملوك ١٩ : ٧).
بقوة تلك الأكلة، سار إيليا أربعين يومًا وليلة حتى جبل الله.
هذه القصة لا تُظهر فقط كيف يُعين الله عبيده في أوقات ضعفهم، لكنها تؤكد أن قوته تفوق كل حساباتنا البشرية.
إنها ليست مجرد قوة جسدية، بل قوة روحية تدفعنا للاستمرار في الطريق الذي رسمه الله لنا.
صديقي، كم مرة شعرت بالإرهاق، متسائلًا كيف ستكمل الطريق؟ الله لا يريدك أن تعتمد على قوتك المحدودة.
إنه ينتظرك لتطلب منه قوته، القوة التي ليست مجرد مساعدة مؤقتة، بل تغيير جذري للمسار كله.
إذا كان الله قد تدخل ليعين إيليا في أضعف لحظاته، فهو قادر أن يمنحك قوة روحية تفوق كل قدراتك العقلية والجسدية.
ثق في طرق الله، لأنها دائمًا أعلى من طرقنا.
صلِّ اليوم كما صلى داود: "أَعْطِ عَبْدَكَ قُوَّتَكَ." واطلب من الله أن يمنحك قوته لتسير،
لا اعتمادًا على طاقتك المحدودة، بل على قوته اللامحدودة. فهو مستعد أن يسندك ويقودك، لأنك ابنه المحبوب.
أنت مهمّ، نحبك ونهتم لأجلك.

