بسلام المسيح نغلب ضيقات العالم
[image]
بسلام المسيح نغلب ضيقات العالم
يوضح لنا الرب يسوع في قوله لتلاميذه: "قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام. في العالم سيكون لكم ضيق، لكن ثقوا، أنا قد غلبت العالم" (يو 16: 33)، أن سلامنا الحقيقي كائنٌ في المسيح وفي كلامه، وليس في العالم الخارجي. فالمؤمنون بالمسيح لهم سلامه في داخلهم، ويتمتعون به في علاقاتهم مع الله ومع الآخرين.
ولكن، كما يقول الرسول بولس، فإن سلام المسيح لا يمنع وقوعنا تحت ضيقات العالم. فجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يتعرضون للاضطهاد. وهذا ما أعلنه الرب يسوع نفسه عندما قال: "لا تظنوا أني جئتُ لأُلقي سلاماً على الأرض، ما جئتُ لأُلقي سلاماً، بل سيفاً. فإني جئتُ لأُفرِّق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أُمِّها، والكنَّة ضد حماتها. وأعداء الإنسان أهل بيته" (مت 10: 34-37).
وكما حذّر الرب تلاميذه من هذه الحقيقة، هكذا يجب أن نكون على استعداد لتحمل الضيقات في سبيل المسيح. فنحن نعيش في عالم يكره المسيح والمؤمنين به "إن كان العالم يبغضكم، فاعلموا أنه قد أبغضني قبلكم" (يوحنا 15: 18). ولكن، إذا صبرنا حتى النهاية، فسنخلص. (متى 10: 16-22).
ولكن، ما هو هذا السلام الذي يمنحه لنا المسيح؟ إنه سلام عميق وصادق، يتجاوز كل الفهم البشري. إنه سلام ينشأ من العلاقة الحقيقية مع الله. عندما نقبل المسيح مخلصًا لنا، ندخل في شركة معه، ويصبح سلامه ساكنًا فينا.
هذا السلام لا يعتمد على الظروف الخارجية. فهو لا يتزعزع بالضيقات أو المعاناة. إنه سلام داخلي عميق، ينبع من محبة الله لنا.
يمكننا أن نتمتع بهذا السلام في حياتنا اليومية، عندما نعيش في طاعة الله. عندما نطيع وصاياه، نعيش في وئام مع إرادته، وهذا يمنحنا سلامًا داخليًا.
لكن علينا أن نتذكر عندما ولد السيد المسيح، أعلن الملائكة حلول السلام على الأرض، ولكن سرعان ما ولدت البغضة والحقد والقتل في قلوب الذين رفضوه.
فعندما علم هيرودس أن المسيح قد ولد، أمر بقتل جميع الأطفال في بيت لحم، ظانًا أنه بذلك سيقضي على السيد المسيح. ولما جاء السيد المسيح إلى العالم لينشر السلام، لم يكن ذلك سلامًا دنيويًا، بل سلامًا داخليًا ينشأ من التصالح مع الله. ولكن هذا السلام لم يروق للكثيرين، بل أثار فيهم البغض والكراهية.
فعندما جاء المسيح إلى العالم ليعلن الحق، ولكنه جاء بهدوء وتواضع: «لا يُخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبةً مرضوضة لا يَقصِف، وفتيلة مُدخِّنةً لا يُطفئ، حتى يُخرِج الحق إلى النصرة» (مت 12: 20،19). لكن ذلك ليرضي الذين كانوا يعيشون في الظلام. فكان لابد للنور أن يواجه الظلام، ولكن النور لم يأتِ ليبيد الظالمين، بل ليخلصهم. ومع ذلك، لم يتحمل الأشرار الحق، بل أبغضوه وقرروا قتله. فقال لهم: "والآن أنتم تطلبون أن تقتلونني، رغم أنني إنسان قد كلمتكم بالحق الذي سمعته من الله" (يوحنا 8: 40).
وهذا ما يحدث دائمًا عندما يأتي نور الحقيقة إلى العالم. فالنور يكشف زيف الظلام، ويضطر الأشرار إلى الكشف عن حقيقتهم. ولكن الحقيقة لا تُبيد الأشرار، بل تنقذهم من ظلمتهم.
فدعونا نكون مستعدين لتحمل تكلفة الاضطهاد بسبب الحق. فالحق هو الذي يحررنا من الخطيئة والموت. والحق هو أساس السلام الحقيقي
