تاريخ النشر 11 أغسطس 2023

اولاً من هم الودعاء؟

تاريخ النشر 11 أغسطس 2023

[image]

مازلنا نتكلم عن الودعاء 

يتابع اولاً من هم الودعاء؟ 

الكتاب المقدس به الكثير من الأشخاص القديسين الودعاء لكن رغم ذلك عندما ندرس صفة الوداعة، لن نفكر كثيراً ولن نذهب بعيد عن حياة وخدمة ربنا يسوع المسيح. لانه لا احد مثل ربنا يسوع المسيح في ودعته أو في اي صفة من الصفات فهو مثالنا وقدوتنا في كل شيء لذلك من الطبيعي أن يكون هو النموذج الأول والأخير بل هو النموذج الوحيد وبعد ذلك سوف نذكر بعض الأشخاص الذين تجاوبوا مع عمل الله معهم وعاشوا بوداعة. 

السيد المسيح الذي عاش الوداعة تمامًا في أفعاله وتعاليمه وعلاقاته مع الآخرين. لم يكن الرب يسوع يبحث عن ذاته أو يعمل دعاية لذاته ، بل كان يخدم الآخرين ويخضع لإرادة الآب. فالرب يسوع المسيح هو الوحيد الذي نادى وقال لنا «تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ» (متى١١: ٢٩). هذا الوديع الذي لم يثُر أو ينفعل ويحتد ولا مرة واحدة!! حتى أمام من أساء إلى شخصه الكريم. فكان بحق كما شهد عنه الآب «لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَه» (متى١٢: ١٩).

ففي إحدى المرات ذهب الرب يسوع المسيح، مع اثنين من تلاميذه، إلى قرية للسامريين ولم يقبلوهم هناك. وعلى الفور اقترح عليه يعقوب ويوحنا أن تنزل نار من السماء على المدينة!! لكن ما أروع تصرف هذا الوديع عندما انتهرهما قائلاً: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا! لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ، بَلْ لِيُخَلِّصَ. فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.» (لوقا٩: ٥٥ - 56).

وليس هذا فقط بل عندما وقف إلهنا الوديع في المحاكمة، لَطَمه واحد من العبيد اكررها من العبيد على وجهه العبد يضرب السيد بل سيد الاسياد. وجميعنا نعرف كيف تصرف السيد المسيح، وبماذا تكلم؟ قال له: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» (يوحنا١٨: ٢٣).

حتى في وجه الألم والموت ، أظهر الرب يسوع الوداعة من خلال التضحية بحياته طواعية من أجل خطايا البشرية. وبينما كان يصلي في بستان جثسيماني، "ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ»." (مت 26: 39).. باتباع السيد المسيح في الوداعة ، يمكننا أيضًا أن نختبر البركات والمكافآت التي تأتي من الخضوع لمشيئة الله.

1. يصف الكتاب المقدس موسى بأنه "وديع جداً، أكثر من كل الرجال الذين كانوا على وجه الأرض. على الرغم من سلطته العظيمة وقوته كقائد لإسرائيل ، أظهر موسى الوداعة من خلال الاعتراف باعتماده على الله وطلب إرشاده في كل شيء. ما أروع الوداعة التي ظهرت في حياة موسى، ففي إحدى المرات تكلَّم مريم وهارون على موسى، وذلك بسبب زوجته الكوشية. ورغم أن هذا الكلام كان مؤلمًا بكل تأكيد، إلا أن موسى، مع حَزمه وقوة شخصيته، لم يواجه الإساءة بأي تهديد أو غضب، بل في منتهى الهدوء كان ساكتًا. وشهد له الوحي في هذا الموقف بالقول «وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ» (عدد١٢: ٣). بل والمدهش أنه عندما غضب الرب على مريم وصارت برصاء صلّى موسى لأجلها متوسلاً لله «اللّهُمَّ اشْفِهَا»..!! من خلال موسى ، يمكننا أن ننمي الوداعة من خلال الخضوع لسلطة الله والثقة في خطته الكاملة لحياتنا.

2. جدعون: وهو أحد قضاة إسرائيل، وقد صنع الرب بواسطته خلاصًا لشعبه من المديانيين. لكن بعد انتصاره وإنقاذه لشعبه من الأعداء، قام ضده بعض من بنو شعبه، رجال افرايم، لانه لم يشركهم معه في الحرب و خاصموه بشدة، بدلاً من شكره وتهنئته! فترى ماذا كان رد فعل هذا جدعون؟! فَقَالَ لَهُمْ: «مَاذَا فَعَلْتُ الآنَ نَظِيرَكُمْ؟ أَلَيْسَ خُصَاصَةُ أَفْرَايِمَ خَيْرًا مِنْ قِطَافِ أَبِيعَزَرَ؟ لِيَدِكُمْ دَفَعَ اللهُ أَمِيرَيِ الْمِدْيَانِيِّينَ غُرَابًا وَذِئْبًا. وَمَاذَا قَدِرْتُ أَنْ أَعْمَلَ نَظِيرَكُمْ؟ حِينَئِذٍ ارْتَخَتْ رُوحُهُمْ عَنْهُ عِنْدَمَا تَكَلَّمَ بِهذَا الْكَلاَمِ» (قضاة٨: ٢-٣). لقد تكلم معهم بوداعة فأمتصَّ غضبهم بل واعتبرهم أفضل منه ومن عائلته، وأمتدح إنجازاتهم الكثيرة. حقًا إنَّ الجواب اللين يصرف الغضب.

* كما ذكرنا من قبل أن الوداعة التي أظهرها استفانوس وقت الرجم ليست وداعة شخص بسبب طبيعته الهادئة؟ والتغير الكبير من جهة الوداعة في شخصية شاول الطرسوسي الذي اصبح بولس الرسول، فقد كان يضطهد المسيحيين ويسوقهم مقيدين الي أورشليم. فنحن لا نتكلم عن الوداعة النابعة من الإنسان التي يتمتع بها بعض الاشخص فهذه الوداعة حدودها صغيرة جداً لا تحتمل غير القليل. فوداعة موسى وجدعون ليس نابعة منهم بل هي من عمل الله في حياتهم.   

ومن خلال حياة ربنا يسوع المسيح النموذج والقدوة للبشر وايضاً من خلال صفة الوداعة التي كانت ظاهرة في بعض القديسين الذين ذكرنا بعضهم. ندرك أن الوداعة لها تأثير عميق على علاقاتنا مع الآخرين. عندما نختار أن نكون نحيا ودعاء، فإننا نعطي الأولوية لاحتياجات واهتمامات الآخرين فوق احتياجاتنا واهتماماتنا ، مما يؤدي إلى الوحدة والسلام في عائلاتنا وصداقتنا ومجتمعاتنا. فنجد الرسول بولس يشجع المؤمنين على ذلك عندما قال بالروح القدس "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ: أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا. بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْمَحَبَّةِ. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ." (أف 4: 1-4).

عندما نحيا الوداعة وتظهر في علاقاتنا، بذلك نحن نشهد شهادة قوية للسيد المسيح ونجذب الآخرين إليه. إن رغبتنا في أن نكون متواضعين ولطفى وخاضعين هذا يظهر شخصية ربنا يسوع المسيح الذي في قلوبنا ويظهر قوة صليبه ويظهر رسالة الإنجيل.

 

شكرا لتواجدك!

Mounir
مؤلف