امتحان مباشر
بدأنا نتكلم عن التجارب والامتحانات، وقد قلنا أن هناك اختلاف بين الامتحانات والتجارب.
وبدأنا في الاختلاف الأول وهو الاختلاف في المصدر بين الامتحانات والتجارب وقلنا ايضاً أن الامتحانات لها مصدرين، وتكلمنا عن المصدر الأول وهو أمور وظروف الحياة الطبيعية.
[image]
اليوم سوف نتكلم عن المصدر الثاني للامتحانات، وهو امتحان مباشر من الرب نفسه مثلما امتحن إبراهيم وهذا النوع من الامتحانات مفتوح لكنه في الغالب يكون مرتبط بأمور نحبها ذات قيمة كبيرة لدينا، أمور هامة لنا. أمور مرتبطة ايضاً بمدى محبتنا وثقتنا بالله.
وسوف نأخذ مثال على ذلك. امتحان الله لإبراهيم
"وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا». فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ»." (تك 22: 1-2).
وهذا في الغالب لم يكن الامتحان الأول لإبراهيم فقد قال له الرب قبل ذلك أن يترك بلده وأهله ويرحل "وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ." (تك 12: 1). وايضاً قال الله لإبراهيم ان يطرد هاجر وابنه إسماعيل وهذا لم يكن سهل ايضاً على إبراهيم لكنه أطاع
"فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا، لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ». فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ، وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا، وَالْوَلَدَ، وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ." (تك 21: 10-14).
فهذه امتحانات رغم أن الكتاب لم يذكر ان الرب يمتحن إبراهيم ورغم أنها امتحانات صعبة لكنها أقل كثيراً من الامتحان الذي نتكلم عنه اليوم ان يقدم ابنه ذبيحة، فمن لديه ابنا يحبهم أن مرض أحدهم مرض شديد يكون في شدة الألم عليه ويفعل أي شيء يستطيعه لكي يشفى ابنه. فما بالكم ان يقوم الشخص بذبح ابنه الذي يحبه بيده، التفكير فقط في هذا الأمر صعب جداً. ماذا فعل إبراهيم
"فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ." (تك 22: 3). لم يتردد ولم يتوانى إبراهيم، لم يخبر احد لكى لا يعيقه.
"مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي،" (مت 10: 37).
فليس من فراغ ان يلقب إبراهيم خليل الله، ان يلقب بأبو المؤمنين.
