الشغف الحقيقي يستمر في أي مكان

أنه دانيال النبي الذي سبي إلى بابل في بداية شبابه، السبي هو حالة الوجود تحت عبودية الأسر, على الأخص في أرض غريبة, وقد اعتاد الكلدانيون أن ينقلوا أهل البلاد التي يفتحونها إلى بلاد أخرى حتى يفقدوا حماسهم الوطني, بعيدًا عن ذكريات الوطن. 

[image]

قد أمر الملك نبوخذ نصر أحد رؤساء الخصيان باختيار مجموعة من شباب بني إسرائيل، من نسل الملوك والنبلاء، ممن يتمتعون بجمال المظهر، وذكاء حاد، وفهم واسع، وإلمام بشتى العلوم، وقوة بدنية تجعلهم قادرين على العمل في قصر الملك.

كان الهدف من ذلك تدريبهم على لغة الكلدانية وكتابتهم، لكي يخدموا في بلاط الملك.

خصص الملك لهذه المجموعة طعامًا فاخرًا من مائدة قصره وشرابًا من مشروبه الخاص، ليدربهم على مدار ثلاث سنوات. وعند انتهاء هذه الفترة، سيُعرضون على الملك لتحديد وظائفهم في بلاطه.

رغم سبيه إلى بلاد بعيدة وغريبة. وأصبح في مثابة العبد يؤمر فينفذ، لم يتغير شغفه بالله وعندما طلبوا منه أن يأكل ويشرب من أطايب الملك وخمر مشروبه، وضع في قلبه أن لا يتنجس بهذه لان شريعة الرب تنهيه أكل بعض الحيوانات والطيور التي كانت الأمم تأكلها. 

ورغم أنه مسبي وهذا الأمر من الملك نبوخذ نصر مباشرتاً إلا أنه تجاسر وتكلم مع رئيس الخصيان المسئول عنه وعن زملائه، فقد طلب من رئيس الخصيان أن لا يقدم لهم الطعام والشراب المقدم من الملك. وأعطي الله دانيال نعمة في اعين رئيس الخصيان. وقال رئيس الخصيان لدانيال: "أنا قلق من أن يغضب سيدي الملك الذي يوفر طعامكم وشرابكم. فلماذا تظهر وجوهكم أقل إشراقًا من وجوه الشبان الآخرين في جيلكم، و تجعلني أتحمل العقاب من الملك؟" 

طمأن دانيال رئيس الخصيان بأنهم سيتناولون الطعام النباتي لمدة عشرة أيام فقط، وسيرون بأنفسهم الفرق بينهم وبين بقية الفتيان الذين يتناولون الطعام الملكي. وافق رئيس الخصيان على طلب دانيال، وقدم لهم الطعام النباتي والماء لمدة عشرة أيام.

في نهاية هذه الفترة، بدأ دانيال وأصحابه أكثر صحة ونضارة من بقية الفتيان الذين يتناولون الطعام الملكي. أثار ذلك إعجاب رئيس الخصيان، فأمر بتقديم الطعام النباتي لهم بشكل دائم، بدلاً من الطعام الملكي. (دانيال 1) 

يا ربنا وإلهنا، نسألُكَ أن تُثبّتَ شغفنا بكَ في كلّ مكان، كما ثبّتَ شغفَ عبدكَ دانيال. كما رفضَ دانيالَ الطعامَ الملكيّ خوفًا من تنجيسِه، نسألُكَ أن نرفضَ إغراءاتِ العالمِ ونُقاومَ خطايا الجسدِ والروحِ، لنُحافظَ على طهارةِ قلوبِنا ونُقدّسَ أنفسَنا لكَ. آمين

 

 

 

شكرا لتواجدك!