معنى ومفهوم أنقياء القلب
[image]
من عدد أيام بدأنا نتكلم عن "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يُعاينون الله"
واخذنا المقدمة
واليوم سوف نبدأ في تعريف معنى ومفهوم أنقياء القلب
القلب بحسب مفهوم الكتاب المقدس
يُنظر إلى القلب في الثقافة العبرية على أنه مركز عواطف وأفكار الإنسان، وإذا كان الكتاب المقدس يعلمنا أن الله لا ينظر إلى المظهر الخارجي وإنما إلى القلب (1 صموئيل 16: 7)، فإننا يمكننا أن نقول إننا نستطيع رؤية الله فقط من خلال القلب. فالقلب يلخص كينونة الإنسان بشكل شامل وموحد، يجمع بين جسده وروحه، ويتمتع بالقدرة على المحبة والاحتضان.
يقدم الكتاب المقدس لنا فهمًا تمامًا مختلفًا للقلب عن منطقنا الحديث. فالقلب في الكتاب المقدس يرمز للإنسان بكامله: إنه جوهر الشخص، ويشكل مركز وحدته وكيانه، وبالتالي فهو يجسد إنسانيته بأبعاده الفكرية والروحية والحسية والعاطفية.
على عكس الفلسفة اليونانية التي فصلت بين العقل والقلب، أصر الكتاب المقدس على الحفاظ على وحدة الإنسان العاقل والروحي والعاطفي، ولم يفصل بين هذه الجوانب المختلفة، بل نظر إليها كسمات تتجاوز تفردية الشخص البشري وتكوّن وحدته كإنسان. وأصبح القلب رمزًا لهذه الوحدة، ورمزًا لهوية الإنسان وقيمته المطلقة.
وفقًا للمفهوم المسيحي، يعتبر القلب محورًا لكيان الإنسان، ومركزًا لوحدة قدراته. إذا كان من المسموح التعبير، فإنه يمكن أن يكون "كرسي الذات". وبالتالي، فإن القلب في هذا السياق الروحي والوجداني ليس مجرد عضو ينتمي للجسم، بل هو الجوهر الذي يشكل محور وجود الشخص بأكمله. إنه المحور الذي تتلاقى فيه جميع خيوط كيان الإنسان.
يكفي أن نلقي نظرة على بعض الأمثلة المذكورة في الكتاب المقدس لندرك أهمية ومركزية مفهوم القلب فيه. تعتبر "الوصية الأولى" في العهد القديم، وفقًا لما ألمحه يسوع أثناء مواجهته للكاتب، هي: "أحب الرب إلهك من كل قلبك..."، ويشير يسوع إلى القلب كمركز نوايا الإنسان: "إن الأفكار الشريرة تنبع من القلب،" وأيضًا "حيثما يكون كنزك، يكون قلبك هناك"...
