تاريخ النشر 10 أغسطس 2023

"طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ." (مت 5: 5).

تاريخ النشر 10 أغسطس 2023

[image]

"طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ." (مت 5: 5).

عندما بدأت اكتب ظننت أنني سوف أكتب سطور قليلة عن هذه التطويبة، فقط سوف نعرف الودعاء ونقول انهم سوف يرثون الارض وينتهي الموضوع. لكن عندما بدأت أقرأ وأبحث وجد تأملات وتفاسير جميلة وأكثر مما ظننت.  

لذلك سوف نتكلم عن من هم الودعاء؟ من هو الشخص الوديع؟ ما المقصود بـ يرثون الأرض؟ متى وكيف سوف يرثون الأرض؟ أي أرض التي يقصدها الرب يسوع؟ (ما هي الارض التي سوف يرثونها؟)      

اولاً من هم الودعاء؟

فماذا يعني ان يكون المرء وديعا؟‏ عموما،‏ تعرِّف القواميس «الوديع» بأنه مترفق،‏ لطيف،‏ ذو لين،‏ وهادئ.‏ غير ان الكلمة اليونانية الاصلية المستعملة لها معنى اعمق بكثير.‏ وبحسب كتاب مفردات العهد الجديد ‏(‏بالانكليزية)‏ لواضعه وليم باركلي،‏ صحيح ان هذه الكلمة تحمل معنى ‹الرفق،‏ ولكن خلف الرفق تكمن قوة فولاذية›.‏ فهي تشير الى ميل عقلي يمكِّن المرء من احتمال الاذية دون الشعور بالاستياء او التفكير في الانتقام،‏ وذلك بسبب امتلاكه علاقة جيدة بالله.‏ فهذه العلاقة تصبح مصدر قوة بالنسبة اليه.‏"هُوَذَا اللهُ خَلاَصِي فَأَطْمَئِنُّ وَلاَ أَرْتَعِبُ، لأَنَّ يَاهَ يَهْوَهَ قُوَّتِي وَتَرْنِيمَتِي وَقَدْ صَارَ لِي خَلاَصًا»." (إش 12: 2). "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي." (في 4: 13).‏.‏

الوديع هو الشخص الهادئ ، الطيب ، البسيط ، الذي لا يخاصم ، ولا يصيح ، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. كما هو مكتوب عن السيد المسيح "لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ»." (مت 12: 17-21). الوديع شخص بعيد عن المخاصمة، والمقاومة، وكثرة النقاش. إنسان مسالم، مطيع. طيب القلب ، حسن المعاملة مع الناس ، رقيق الطباع ، بشوش 

الشخص الوديع هو من أدرك حجمه كإنسان في هذه الحياة، فلم تعد كرامته هي الاولى بل يوجد الكثير من الامور قبل الكرامة فيقول لنا الله في سفر الأمثال "قَبْلَ الْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ الإِنْسَانِ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ." (أم 18: 12). لذلك عندما تنتهك كرامته تجده يتصرف بوداعة ولطف وطول أناة لانه شخص متواضع. فالوداعة والتواضع وجهان لعملة واحدة فلا يوجد أحد متواضع غير وديع أو أحد وديع وغير متواضع. بلا شك ترتبط الوداعة ارتباطًا قوياً ومباشراً بالتواضع كما أنها ترتبط ارتباطًا قوياً ومباشراً بالخضوع. الوديع هو من يدرك  محدوديتنا ويكون لديه قناعة أن قوتنا وحكمتنا وقدرتنا هي من الله وحده. كما كتب الرسول بولس "فَإِنِّي أَقُولُ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي، لِكُلِّ مَنْ هُوَ بَيْنَكُمْ: أَنْ لاَ يَرْتَئِيَ فَوْقَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَئِيَ، بَلْ يَرْتَئِيَ إِلَى التَّعَقُّلِ، كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِقْدَارًا مِنَ الإِيمَانِ." (رو 12: 3).

اللطف هو جانب آخر من جوانب الشخص الوديع ويشير إلى القدرة على معاملة الآخرين بلطف ورحمة واحترام ، حتى عندما لا يشعر أنهم يستحقون ذلك. علمنا يسوع أن نكون لطفاء مع الآخرين عندما قال "اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ." (مت 11: 29). 

ومن أهم جوانب الوداعة انها دأئماً على استعداد للخضوع لإرادة الله و الخضوع لسلطته في حياتنا. فالشخص الوديع يثق في أن خطة الله كاملة ، حتى لو لم تتوافق مع أحلامه وطموحاته. من خلال إخضاع إرادتنا لله ، نحن نظهر الوداعة و نكون مهيئين لاستقبال بركات الله لنا.

ففي مفهوم العالم الشخص الوديع هو شخص ضعيف أو سلبي أو شخص لا يفهم الحياة، لكن الوداعة لا تعني الضعف أو السلبية. بدلا من ذلك ، إنها فضيلة قوية تعمل على السيطرة على السلطة. الوداعة هي القدرة على قيادة عواطف الشخص ومواهبه وقدراته وإخضاعها لمشيئة الله. إنها الرغبة في وضع الآخرين في المرتبة الأولى والإذعان لاحتياجاتهم ورغباتهم دون أن تفقد إحساسك بقيمتك الذاتية.

هل أنت من الودعاء 

غداً انشاء الله سوف نذكر أمثلة من بعض الأشخاص الودعاء وسوف نرى مواقف حقيقية لهم إذا وضعنا أنفسنا مكانهم سوف تكون تصرفاتنا مختلفة (سيكون لنا رد فعل مختلف)

 

شكرا لتواجدك!

Mounir
مؤلف