المؤمن والحكمة الإنسانية
[image]
في بعض المواقف الصعبة، لا سيما في الأزمات، يجد بعض المؤمنين أنفسهم عاجزين عن إيقاف طريقة تفكيرهم المستمدة من الحكمة الإنسانية. على سبيل المثال:
النازلون إلى البحر في السفن (مز 107: 23-32). عندما أثار الرب عليهم ريحًا عاصفة، لم يستطيعوا البقاء متفرجين، بل استخدموا حكمتهم الإنسانية للهروب من المخاطر، إلى أن استنفدوا ما لديهم من تلك الحكمة، ثم صرخوا إلى الرب فنجاهم.
يعقوب عندما علم أن عيسو أخاه قادم إليه بـ 400 رجل (تكوين 32) على الرغم إيمانه بالله، لم يكتفِ بصلاته إلى الرب، لم يستطع أن يكف عن استخدام حكمته الإنسانية لحماية نفسه.
ومثله موسى (سفر خروج 2) الذي حركه إيمانه العميق لإنقاذ إخوته من ظلم الفراعنة. إلا أنه اعتمد في البداية على استخدم حكمته البشرية وقدراته الشخصية لإنجاز المهمة.
في هذه الأحداث وغيرها، كان واضحًا أن الحكمة البشرية وحدها لا تكفي، فأمور الله في حياة المؤمن لا تصلح معها هذه الحكمة. واستخدام هذه الحكمة يؤدي بالمؤمن إلى الاعتماد على الذات وتأخير اعتماده على الرب. غير أن الله في حكمته لا يترك المؤمن بل يُمهله الفرصة ليكتشف ضعفه ويُدرك عجزه عن حلّ مشكلاته بقدراته الذاتية. فعندما "ابتُلِعَتْ كلّ حكمتهم"، يتدخل الله ليُنقذه بأبسط الطرق وأيسرها، مُظهرًا عظمة حكمته وقدرته على التصرف بأمور لا تُقاس بمقاييس العقل البشري.
في ضوء ما سبق، نستخلص يا صديقي، أنّ:
• الحكمة الإنسانية، رغم أهميتها في مجالات الحياة المختلفة، لا تُغني عن الحكمة الإلهية في مواجهة الأزمات والتحديات.
• التسليم الكامل لله والاعتماد عليه هما السبيل الأمثل لبلوغ النجاة والخلاص.
• يُقود الله المؤمن عبر تجاربه ليكشف له ضعفه ويُعزّز ايمانه به.
• الحكمة الإلهية هي النور الذي يُضيء دروب المؤمن ويُرشده نحو الخلاص.
علينا أن ندرك إنّ صراع المؤمن بين الحكمة الإنسانية والحكمة الإلهية صراعٌ حتميٌّ يُواجهه في مسيرة حياته. ولكنْ بفضل رحمة الله وعنايته، يتعلم المؤمن مع مرور الوقت أنّ التخلّي عن الحكمة الأرضية والتمسك بالحكمة الإلهية هو مفتاح السعادة والنجاح.
